Tuesday, August 23, 2011

«الناتو» باق وقلق من الفوضى ودعوات للإفراج عن الأموال المجمدة سقوط باب العزيزية بلا معركة ... ولا أثر للقذافي
ثوار ليبيون أمام «بيت الصمود» في مجمع باب العزيزية في طرابلس أمس (رويترز)

مفاجأتان سجلتا امس في تطورات الاحداث الليبية... الاولى السقوط السريع لمجمع باب العزيزية الذي كان يتوقع ان يشهد اشرس المعارك، ورفعت عليه أعلام الثورة الليبية،
والثانية الظهور «المحرج» لسيف الاسلام القذافي.
وبينما كان معمر القذافي يحتفظ بغموض مصيره، ويزيد الصورة تعقيدا، وسط أنباء عن احتمال وجوده في معقله التاريخي في مدينة سرت، كان حلف شمال الاطلسي، يواصل «جدول
اعماله» وكأن شيئا لم يكن، حيث انه برغم انهيار حكم القذافي، اعلن امس تمديد مهمته العسكرية في ليبيا لثلاثة شهور اضافية !
وفي مواجهة الغموض الذي يلف مستقبل ليبيا، تسارعت الدعوات الى تمويل الثوار الليبيين والافراج عن الاموال المجمدة، حيث يعقد مؤتمر في الدوحة لهذا الغرض، فيما
يعقد مؤتمر آخر لمجموعة الاتصال غدا الخميس في تركيا، عشية المؤتمر المقرر عقده في نيويورك يوم الجمعة.
وبينما استمر اختفاء القذافي واولاده، وانفلات الوضع الامني في العاصمة طرابلس، توجهت الانظار الى مدينة سرت، معقل قبيلة القذاذفة، التي لم تعلن ولاءها للثورة،
ولم يعرف ما اذا كان الثوار سيحاولون اقتحامها عنوة، او تسوية الوضع فيها من خلال المفاوضات.
وكان الثوار في مدينة مصراتة الساحلية أعلنوا أنهم اعترضوا أمس الأول قافلة عسكرية تابعة لكتائب القذافي آتية من مدينة سرت لدعم كتائب القذافي في طرابلس. وقال
المركز الصحافي التابع للمجلس العسكري في 
مصراتة إن «القافلة كانت مؤلفة من ثلاثة باصات وعدد من السيارات الرباعية الدفع تنقل مرتزقة وجنودا وكانت تعبر طريق سدادا بن وليد ومنها إلى طرابلس». وأوضح
أن «عملية الاعتراض جرت بالقرب من سدادا على الجبهة الجنوبية لمصراتة» وان «احد الباصات دمر بالكامل وباقي سيارات القافلة عادت أدراجها إلى سرت». وأعلن المتحدث
العسكري باسم الثوار الليبيين محمد زواوي ان مقاتلي المعارضة سيطروا على ميناء راس لانوف النفطي بعد انسحاب قوات القذافي غربا نحو بلدة سرت.
وتكرر في مجمع باب العزيزية سيناريو اقتحام الثوار لطرابلس قبل 3 أيام. وتمكن الثوار، بعد ساعات من هجومهم، من السيطرة على مقر إقامة القذافي في مجمع باب العزيزية.
ولم يتضح ما اذا جرت معارك فعلية، او ما اذا كان هناك مدافعون عن المقر. وقال مراسل «فرانس برس» إن «الثوار حطموا جدران المجمع الإسمنتية ودخلوه. لقد سيطروا
تماما على باب العزيزية وانتهى الأمر».
وقال مراسل قناة «الجزيرة» وقناة «سكاي» إن حلف شمال الأطلسي قصف مجمع باب العزيزية، وهو ما سارع الحلف إلى نفيه، مشيرا إلى تحليق للطائرات من دون تدخل. ويقع
باب العزيزية الممتد ستة كيلومترات مربعة في جنوب وسط طرابلس ويضم مقر إقامة القذافي إلى جانب ثكنات عسكرية ومنشآت أخرى.
وجاء الهجوم على باب العزيزية، والذي استخدم فيه الثوار الهاونات والأسلحة الثقيلة ومضادات الطائرات، بعد ساعات من ظهور سيف الإسلام القذافي فيه، في ضربة محرجة
للمجلس الوطني الانتقالي المعارض الذي كان أعلن انه تم اعتقاله.
كما أن القذافي واصل تحديه الثوار. ونقل رئيس اتحاد الشطرنج الروسي كيرسان اليومجينوف عن القذافي قوله، خلال اتصال هاتفي، انه ما زال في طرابلس حيا وفي صحة
جيدة ولا يعتزم مغادرة المدينة. وأوضح اليومجينوف أن محمد الابن الأكبر للقذافي تحدث إليه هاتفيا، مضيفا «أعطى الهاتف لوالده الذي قال انه في طرابلس وعلى قيد
الحياة وبصحة جيدة ومستعد للقتال حتى النهاية وليس في نيتي مغادرة ليبيا».
وقال المتحدث العسكري باسم الثوار العقيد احمد عمر باني، من بنغازي، «باب العزيزية بات بكامله تحت سيطرتنا، العقيد القذافي وأبناؤه لم يكونوا في المجمع». وأضاف
«لا احد يعلم أين هم».
وتضاربت توقعات الثوار حول مكان وجود القذافي. وقال العضو النافذ في المجلس الوطني الانتقالي فتحي تربل «نحن مقتنعون بان القذافي غادر طرابلس»، فيما قال المتحدث
باسم المجلس جمعة القماطي «لا نعتقد انه غادر البلاد. ونعتقد انه ما زال داخل ليبيا. ونعتقد انه إما في طرابلس او بالقرب من طرابلس. سيتم العثور عليه إن عاجلا
أم اجلا سواء حيا ومقبوضا عليه وهذه أفضل نتيجة نريدها او اذا قاوم فسيكون ميتا».
كما اندلعت اشتباكات بين الثوار وقوات القذافي في مناطق من طرابلس. وغطى الدخان سماء العاصمة فيما كانت أصوات الانفجارات والرشاشات تهز مناطق من العاصمة. وحول
هذا الأمر الجو الاحتفالي الذي ساد العاصمة إلى خوف وإرباك وفوضى.
وقرب فندق «ريكسوس» الذي يقيم فيه الصحافيون الاجانب وغير البعيد من باب العزيزية، دوى انفجار كبير ما اثار الهلع في صفوف المراسلين الذين لجأوا الى الطبقة
السفلى فيما بقيت قوات القذافي امام مبنى الفندق.
وأغلقت المتاجر بالعاصمة وتكدست أكوام القمامة بالشوارع وامتلأت الجدران بكتابات مؤيدة للمعارضة ورفرفت أعلامها بألوانها الأحمر والأخضر والأسود من عدة مبان
وأخذت مجموعات من الرجال والفتية تردد هتافات مؤيدة للمعارضين.
ونقلت وكالة «اسوشييتد برس» عن دبلوماسيين في بروكسل قولهم انه وفي الوقت الذي كان الجمود يلف المشهد العسكري في ليبيا، انتشر عدد من المستشارين العسكريين الأجانب
مع الثوار، حيث قدموا الإرشادات للثوار ومعلومات استخباراتية تكتيكية لطائرات «الأطلسي» خلال استهدافها القوات الحكومية.
وقال الدبلوماسيون ان اعضاء في الحلف وشركاء في الشرق الاوسط انخرطوا في حملة سرية على الارض الليبية. واشاروا الى ان العملية ابقيت سرية وبعيدة عن قيادة «الاطلسي»
لتجنب أي تضارب مع قرارات مجلس الامن الدولي. واوضحوا ان هؤلاء استطاعوا تحويل الثوار الى قوة منظمة استطاعت اقتحام طرابلس.
وبالرغم من ان «الاطلسي» ينفي وجود أي قوات له على الارض الليبية، فان احد المتحدثين باسمه اقر مؤخرا بوجود قوات اجنبية، مشيرا الى ان المخططين في الحلف «يتابعون
الوضع من خلال مصادر تعمل في المنطقة». وقال مسؤول اميركي ان القوات القطرية هي من قادت هذه الجهود، ليلحقه في ما بعد مستشارون عسكريون من فرنسا وايطاليا وبريطانيا.

وقال المتحدث باسم البنتاغون العقيد ديف لابان إن قدرات القيادة لقوات القذافي تضاءلت لكنها ما تزال خطرة. واضاف ان الولايات المتحدة تراقب مواقع الاسلحة الكيميائية
في ليبيا وسط قلق في الكونغرس من احتمال وقوع تلك الاسلحة في أيادي اطراف خارجية.
وقالت منظمة منع الاسلحة الكيماوية في شباط ان ليبيا تحتفظ بما يصل الى 11 طنا من غاز الخردل في موقع سري بالصحراء تحت حراسة الجيش، لكنها دمرت قنابل جوية كيميائية
في العام 2004 في اطار تقارب مع الغرب لم يدم طويلا. وتوجد مخازن غاز الخردل في الرابطة على بعد نحو 100 كلم جنوب طرابلس، وفي موقع الرواغة في الجفرة جنوب سرت.

تمديد «الأطلسي» عمليته
ويبدو أن تواصل الاشتباكات قدم ذريعة لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في ليبيا لمدة 90 يوما «لحماية السكان المدنيين».
وشدد المتحدث باسم الحلف العقيد لوران لافوا على أن على «الأطلسي» البقاء متأهبا لان الوضع لا يزال «مائعا» على الارض. وقال «لا يزال هناك العديد من الاشتباكات
بين قوات القذافي والمعارضين، ولا يزال التوتر بعيدا عن الانتهاء. ان الوضع في طرابلس لا يزال معقدا، ونحن نراقب التطورات ساعة بعد اخرى».
وقالت المتحدثة باسم الحلف اوانا لونغسكو «النهاية قريبة لنظام القذافي، انه الفصل الاخير. انهم يخوضون معركة خاسرة»، مؤكدة ان عائلة القذافي «في حالة فرار،
لكن لا يمكنهم الاختباء الى الابد»، في اشارة الى القبض على مجرمي حرب خلال الحرب في يوغوسلافيا السابقة.
وكرر لافوا ان «الاطلسي لا يستهدف افرادا. القذافي لا يشكل هدفا». واضاف «بالطبع نحن نستهدف مقرات القيادة والسيطرة، واذا كان القذافي في احد تلك المقرات، فانها
اهداف مشروعة وسنضربها».
واذ اعتبر «الأطلسي» ان نصر الثوار على القذافي «ليس كاملا»، اكد وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه ان على حلف الاطلسي البقاء في حال تأهب وانجاز مهمته حتى
النهاية.
وقال رئيس الوزراء بالمجلس الوطني الانتقالي محمود جبريل إن المجلس سيطلب تمويلا دوليا لمساعدة البلاد في التعافي من صراع دام ستة أشهر وأصاب الاقتصاد بالشلل.
وأضاف إن أعضاء في المجلس سيجتمعون مع ممثلين من الولايات المتحدة وفرنسا وايطاليا وبريطانيا وتركيا وقطر في قمة في الدوحة اليوم لبحث المسألة.
ودعت لجنة مبادرة السلام العربية، خلال اجتماع على مستوى وزراء الخارجية في الدوحة، الشعب الليبي إلى تجنب الانتقام «من اجل بناء ليبيا الجديدة». وطالبوا مجلس
الأمن الدولي بالإفراج عن 2,5 مليار دولار من الأموال الليبية المجمدة من اجل دفع الرواتب وتلبية الاحتياجات الإنسانية. واقترحوا دعوة المجلس الانتقالي إلى
اجتماع لمجلس الجامعة على مستوى الوزراء في 27 اب الحالي من اجل بحث التطورات في العالم العربي، ضمنها ليبيا وسوريا.
من جانبه، اعلن وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو، في مؤتمر صحافي مع رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل في بنغازي، ان «الاطلسي» سيواصل حملته
العسكرية في ليبيا حتى يستتب الامن كليا. وشدد على صون وحدة وسلامة الأراضي الليبية وكذلك على الوحدة السياسية مؤكدا لمواطنيها «دعم الشعب التركي الكامل».
ودعا داود اوغلو الى الافراج عن الارصدة الليبية المجمدة قبل نهاية شهر رمضان، من اجل خير الشعب. وقال «ان الليبيين بحاجة ملحة للموارد المالية» مشيرا الى ضرورة
«قيام ليبيا ديمقراطية وحرة».
وفي برلين، دعا وزير الخارجية غيدو فسترفيله الى اصدار قرار سريع من مجلس الامن الدولي لانهاء تجميد الاموال الليبية، مشيرا الى ان برلين وقعت اتفاق ائتمان
لتمكين الشعب الليبي والمجلس من الحصول على ما يصل الى 100 مليون يورو في الايام المقبلة.
وفي مواجهة الغموض الذي يلف الوضع في طرابلس، اعلن الامين العام للامم المتحدة بان كي مون انه دعا لعقد قمة في نيويورك الجمعة حول الوضع في ليبيا بحضور قادة
الاتحاد الافريقي وجامعة الدول العربية وكذلك منظمات إقليمية أخرى. ويعقد مجلس جامعة الدول العربية اجتماعا طارئا على مستوى المندوبين الدائمين غدا الخميس لبحث
تطورات الأوضاع في ليبيا.
واعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون ان الاتحاد الاوروبي مستعد للافراج عن الارصدة المجمدة للنظام الليبي لمصلحة السلطات الجديدة، على ان يتم
ذلك بحسب القرارات التي سيتخذها مجلس الامن الدولي.
واعلن دبلوماسي اوروبي ان اوروبا مستعدة لارسال بعثة الى ليبيا «في اي لحظة»، شرط «ان يتوافر حد ادنى من الشروط الامنية». واوضح ان مهمة هذه البعثة ستكون تقييم
حاجات ليبيا، مضيفا ان «شبكة الامداد كلها ضربت. لم يعد هناك وقود ولا مياه ولا ادوية. في مرحلة اولى، يمكن ان يساهم الاتحاد الاوروبي في دفع رواتب الموظفين
وعناصر الشرطة الليبيين». واكد ان رفع العقوبات التي فرضت على ليبيا خلال الاشهر الاخيرة يمكن ان يكون عملية «سريعة جدا» ما ان يتم تاكيد سقوط القذافي، لكنه
شدد على ان هذا القرار يعود الى دول الاتحاد الاوروبي.
وقال مسؤول سويسري ان سويسرا تعتزم الافراج عن أموال ليبية مجمدة بملايين الفرنكات السويسرية بمجرد ان ترفع الامم المتحدة العقوبات التي فرضت على حكومة معمر
القذافي. وقالت وزارة المالية السويسرية ان قيمة الارصدة تبلغ نحو 650 مليون فرنك سويسري (827 مليون دولار).
وفي باريس، اكد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ان الولايات المتحدة وفرنسا «ستواصلان جهدهما العسكري حتى يستسلم «القذافي ومعسكره» في ليبيا، وذلك اثر اتصال
هاتفي مع الرئيس الاميركي باراك اوباما.
وذكر بيان للرئاسة الفرنسية ان الرئيسين «اشادا بالتقدم الحاسم الذي انجز خلال الايام الاخيرة من جانب قوات المجلس الوطني الانتقالي»، واعتبرا «ان نهاية نظام
القذافي باتت قريبة». واضاف ان الجانبين «توافقا على مواصلة جهدهما العسكري دعما للسلطات الليبية الشرعية ما دام القذافي ومعسكره لم يسلما السلاح». واعرب الرئيسان
عن «رغبتهما في جمع المجتمع الدولي دعما للشعب الليبي لمساعدته في القيام بعملية انتقالية سياسية في روح من المصالحة والوحدة الوطنية يكون هدفها بناء ليبيا
جديدة وديموقراطية وتعددية».
وقال البيت الابيض في بيان ان الرئيسين دعوا المجلس الوطني الانتقالي الى «احترام حقوق الشعب الليبي» عبر «تفادي (سقوط) الضحايا المدنيين وحماية مؤسسات الدولة
الليبية ومواصلة عملية انتقالية نحو الديموقراطية تكون عادلة وتشمل الشعب الليبي برمته».
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند إن الولايات المتحدة تسعى للإفراج عما بين مليار و1,5 مليار دولار من الأموال الليبية المجمدة
لصالح المجلس الوطني الانتقالي. واضافت أن تلك الأموال ستكون جزءا من أصول ليبية تبلغ نحو 30 مليار دولار جمدتها الولايات لمتحدة في وقت سابق هذا العام، وعشرها
أي نحو ثلاثة مليارات دولار أموال سائلة.
وتابعت نولاند إن الولايات المتحدة تعمل داخل لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة للحصول على موافقتها على الإفراج عن الأصول المجمدة وإنها تأمل «أن تستكمل
هذه العملية في الأيام المقبلة». وقالت إن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون تحدثت مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بشأن الطريقة التي يمكن أن تقدم بها
الأمم المتحدة مساعدة إنسانية لليبيا ومساعدة أمنية إذا طلبت ودعما في أمور مثل كتابة الدستور.
(«السفير»، ا ف ب، ا ب، رويترز، ا ش ا، د ب ا)

No comments:

Post a Comment