Thursday, August 25, 2011

> هكذا نجت عيّات من مجزرة محققة

هكذا نجت عيّات من مجزرة محققة

شيّعت صافيتا، أمس، الشيخ حسان الحمود، وسط حشد من أهالي قريته والقرى المحاذية، وأبرزها: المسعودية والريحانية والحيصا. وفاة الحمود أفرغت المنطقة من أصواتها
ومواقفها السياسية، حتى إنّ النائب خالد ضاهر صمت وتخلّى عن لهجته المذهبيّة

روبير عبد الله

عكار | غادر الشيخ بسام المحمود، عضو المجلس الإسلامي العلوي، بلدة المسعودية ليوارى في الثرى في مسقط رأسه في صافيتا. لن يعود الشيخ الذي راح ضحية الاعتداء
على مأدبة الإفطار في عيات إلى المسعودية حيث كان يقضي معظم أوقاته في منزل أهل زوجته، وحيث كان من هناك يتوجه لتدريس مادة الشريعة في مدرستي الريحانية والحيصا
الرسميتين. كان معظم رجال بلدته الثانية، المسعودية، في اليوم الثاني لوفاته لا يزالون في مجلس العزاء في صافيتا. أما منزل الزوجة، فلم يبق فيه إلا بعض النسوة
متشحات بلباسهن الأسود.
بعد وفاة الشيخ بسام ليس كما قبلها. هذا ما بدا في عكار، حيث أخلت الحناجر التي ارتفعت وتيرتها في الآونة الأخيرة المجال للمعالجات الأمنية والقضائية التي سلّم
بها الجميع. وقد شمل هذا الصمت ضمناً حتى النائب خالد ضاهر الذي وضعت وفاة الشيخ بسام حداً لتصريحاته التي كانت قد بدأت تتسرب إليها مفردات الصراع مما وراء
الحدود من خلال وصفه استخبارات الجيش اللبناني بـ«الشبيحة»؛ لأنها «أمسكت بعض الناس الأبرياء، واعتُقل مرافق لي هو فؤاد القواص»، ووصف ممارساتها بـ«الكيدية
الحاقدة على مناطق أهل السنة والمناطق المسيحية المؤيدة لـ 14 آذار فإن جهاز الاستخبارات أصبحت مهمته توقيف الناس من أجل صورة، ومن الآن يبدو أن قائد الجيش
يريد أن يترشح للانتخابات الرئاسية، فأنا أطمئنه إلى أنه فاشل في قيادته للجيش؛ لأنه لم يحافظ على كرامة العسكر ولا على كرامة المواطنين»، مستهجناً طريقة تعامل
الاستخبارات مع أشخاص مزقوا صوراً لقائد الجيش في بلدة تكريت بقوله: «هل يجوز إهانة الناس في رمضان؟».
لم يوفق النائب خالد ضاهر في هجومه الصاعق على الجيش اللبناني في عكار؛ إذ سارعت فاعليات تكريت من مخاتير وأعضاء مجلس بلدي للاجتماع في منزل رئيس بلديتها رشدي
الترك والتنويه بدور المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية لما قامت به بعيد «الاعتداء على منزل الشيخ عبد السلام الحراش في بلدة عيات»، واصفين الاعتداء بأنه يتنافى
مع «طبيعة وأخلاقيات أبناء عكار عموماً وأبناء منطقة الجومة خصوصاً». وأكدوا أيضاً «رفض كل الشائعات والاتهامات والإسراع بالكشف عن الفاعلين وإنزال أقصى العقوبات
بحق أي شخص مرتكب لهذه الحادثة». كذلك لم يلق دفاعه عن «المناطق المؤيدة لـ 14 آذار» بوجه «جهاز الاستخبارات» حماسة تلك المناطق؛ ففي اتصال لـ«الأخبار» مع رئيس
بلدية القبيات عبدو عبدو المقرّب من 14 آذار، أكد أن القبيات «كل حياتها وولائها للجيش اللبناني، ولا أحد يستطيع من المسلمين قبل المسيحيين أن ينكر دور المؤسسة
العسكرية التي بقيت في أيام الشدة ضمانة بقاء الدولة». وأضاف أن ما قاله النائب الضاهر لا يتعدى إطار «فشة الخلق».
هكذا في الطريق إلى بلدة عيات بدت حركة الناس عادية انطلاقاً من حلبا مروراً ببلدة تكريت، وصولاً إلى أعلى منطقة الجومة حيث بلدة عيات. هناك لم يظهر رئيس البلدية
خالد عبدو أحمد رغبة في استئناف الحديث عن الاعتداء على الإفطار الذي كان مشاركاً فيه مع عدد كبير من فاعليات بلدته وباقي الفاعليات العكارية. لذلك، لم يبق
في منطقة الجومة من تداعيات الاعتداء إلا انتشار أمني لافت للجيش اللبناني، بالإضافة إلى وفود المتضامنين مع الشيخ عبد السلام الحراش، يزورونه في منزله حيث
حصل الاعتداء.
يستهل الحراش كلامه بـ«نعي الشهيد المظلوم الشيخ بسام المحمود، مدرس الفتوى في المجلس الإسلامي العلوي»، مؤكداً أن «دماءه لن تذهب هدراً، وهي تمثّل رافعة المشروع
الوحدوي الوطني»؛ فهو على ثقة بناءً على متابعاته مع المراجع الأمنية والقضائية بأن كشف الفاعلين في طريقه إلى التحقق. ويرى الحراش أن «ضيق صدر المستقبل أنتج
حالة عنف ضد الآخر، بدليل صدور أمر اليوم من قيادة التيار برفض حضور أي تيار سياسي مخالف»، وأن الإفطار بما شمل من تنوع شكل صدمة إيجابية ومحاولة لاستعادة العافية
إلى الشارع الوطني «السنّي»، بحيث «لا يكون مشروع استملاك سياسياً أو طائفياً، لا بيد تيار المستقبل ولا بيد غيره». واستهجن الحراش ما ورد على لسان النائب خالد
ضاهر، متوجهاً إليه بالسؤال: «هل الشباب الذين كنت تود إرسالهم لتحطيم رؤوس الصائمين في خيمة الإفطار يحملون معهم أقلاماً ومحابر؛ إذ لطالما تحدثت عن حزبك باعتباره
تيار المتنورين والمتعلمين، أم أن الذي يهدد بتحطيم الرؤوس يحمل سلاحاً وفأساً كما هي الحال مع جريمة التنكيل بضحايا مجزرة حلبا؟». لذلك، يتوجه الحراش للنائب
الضاهر بعد عودته من أداء فريضة العمرة بالقول: «لا لبيك ولا سعديك وعمرتك هذه مردودة عليك».
يذكر أن الإفطار تعرض لوابل من الرصاص أدى إلى جرح أشخاص عدة، ومن بينهم الشيخ بسام المحمود الذي توفي لاحقاً متأثراً بجراحه. واللافت أن أحد الجرحى أصيب وكان
جالساً بين النائبين السابقين وجيه البعريني وكريم الراسي بحسب تصريح الراسي، وأن الشيخ أحمد الغريب أصيب وهو إلى جانب مسؤول حركة التوحيد الإسلامي الشيخ هاشم
منقارة. كذلك فإن طلقة أصابت الطبق الذي كان أمام منفذ حلبا في الحزب السوري القومي الاجتماعي محمود الحسن.
يقف الشيخ الحراش ويشير إلى التلة التي أطلقت منها النيران، ويذكر أن بندقيتين عثر عليهما في مكانين متباعدين في التلة، إحداها بندقية م 16 والثانية كلاشنيكوف.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: ما الذي منع حدوث مجزرة، رغم حدوث بعض الإصابات المباشرة، ورغم قرب موقع الإطلاق من خيمة الإفطار؟ أحد الأجوبة هو عنصر الصدفة، والجواب
الآخر جاء من مصادر عليمة، بأن رداً كثيفاً على مصادر النيران من جانب مرافقي أحد المدعوين حال دون تمكن مطلقي النار من تحقيق أهدافهم.
سؤال آخر يقض مضجع العكاريين عن الجهة المنفذة وخلفياتها وإمكان معاودة الكرة، ولو بطرق أخرى، يبقى الجواب عليه بتصرف القوى الأمنية والأجهزة المختصة، إن لم
يكن بتصرف مجريات الحراكين السياسي والأمني في عكار وخلف الحدود.

No comments:

Post a Comment