Tuesday, August 23, 2011

فورد في درعا ... ومعارضون يشكّلون «مجلساً وطنياً» في اسطنبول واشنطن: تبعات خطيرة لمسار الأسد مشـروع قـرار في مجلـس الأمـن لفـرض عقـوبات على سـوريا

عامل بلدية سوري يعلق لافتة في وسط دمشق أمس (أ ف ب)

اغتنمت الولايات المتحدة انهيار نظام الرئيس الليبي معمر القذافي لتوجيه رسالة إلى الرئيس السوري بشار الأسد سعت من خلالها إلى التحذير من أن سوريا قد تواجه
مصير ليبيا في حال الاستمرار في استخدام القوة ضد الشعب، وذلك تزامناً مع ضغوط دولية على أكثر من مستوى، من بينها تشكيل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة
لجنة للتحقيق في انتهاكات «محتملة» ارتكبها النظام، وإقرار الاتحاد الأوروبي لعقوبات جديدة على سوريا، في موازاة العمل المتواصل على استصدار قرار ضد سوريا في
مجلس الأمن الدولي، وهو أمر ما زال يواجه معارضة روسيا، التي جددت القول أمس أن الوقت ليس مناسباً لفرض عقوبات دولية على دمشق.
وفي إطار الضغوط الغربية على سوريا، جرى، ليل أمس، توزيع مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي يدعو لتجميد أرصدة الرئيس بشار الأسد، فرض حظر على بيع السلاح لسوريا،
وعقوبات ضد 23 شخصية وأربع شركات سورية. وكان دبلوماسيون في نيويورك قد أشاروا في وقت سابق إلى أن الولايات المتحدة والدول الأوروبية الأعضاء في المجلس تعد
لمشروع قرار بهذا المعنى، مضيفين أن مشروع القرار يلحظ أيضاً إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
وفيما كان السفير الأميركي لدى سوريا روبرت فورد يقوم بزيارة إلى بلدة جاسم في ريف درعا، حيث انطلقت حركة الاحتجاجات، قتل خمسة أشخاص في ريف حماه برصاص القوات
الحكومية التي شنت حملة اعتقالات في شرق البلاد.
في هذا الوقت، اختتم مؤتمر للمعارضة في اسطنبول أعماله بتشكيل «مجلس وطني»، برغم الحديث عن انقسامات كثيرة في صفوف المعارضين، في حين أصدر الرئيس السوري بشار
الأسد

مرسوماً بالقانون الجديد للإدارة المحلية كخطوة ضمن سلسلة الإصلاحات التي حدد الأسد جدولها الزمني الأحد الماضي، والتي من المفترض أن تفضي إلى انتخابات مجلس
الشعب في شباط المقبل.
وحذرت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة سوزان رايس الرئيس الأسد من «تبعات خطيرة» لاستمرار «أعمال القمع» في سوريا. وقالت إن «هناك رسالة واضحة لبشار الأسد
مما حدث في ليبيا، وهي «أنك لا تستطيع استخدام القوة ضد شعبك وتتوقع منهم الخضوع»، مشيرة إلى أن الأسد «يسير في مسار خطير ستكون له تبعات خطيرة على قيادته».
وجددت رايس مطالب الرئيس باراك أوباما للرئيس السوري بالتنحي وإفساح المجال للإصلاح.
وياتي ذلك فيما قام السفير الاميركي في دمشق روبرت فورد بزيارة الى بلدة جاسم في ريف درعا. وذكر المتحدث الرسمي للسفارة الاميركية في دمشق ان «السفير الاميركي
قام بزيارة روتينية صباح اليوم (الثلاثاء) الى بلدة جاسم». وأشار الى ان «الزيارة كانت قصيرة عاد بعدها السفير الى السفارة». وكان فورد قد اثار حفيظة الحكومة
السورية في تموز الماضي حين زار والسفير الفرنسي ايريك شوفالييه كل منهما على حدة مدينة حماه بعيد تظاهرات حاشدة. وحذر وزير الخارجية السوري وليد المعلم عقب
ذلك سفيري الولايات المتحدة وفرنسا من التجول خارج دمشق من دون إذن.
وأعلنت دول الاتحاد الاوروبي انها تبنت رسمياً حزمة جديدة من العقوبات ضد سوريا تنص على تجميد الارصدة ومنع الحصول على تأشيرات دخول بحق 15 شخصاً إضافياً و5
شركات مقربة من النظام. وقال الاتحاد الاوروبي في بيان «نظراً الى خطورة الوضع في سوريا... (اضيف) 15 من الرعايا السوريين وخمسة كيانات الى لائحة الافراد والكيانات
المستهدفة بتجميد الارصدة ومنع الدخول الى اراضي الاتحاد الاوروبي». وستنشر اسماء الافراد والشركات المستهدفة بهذه العقوبات اليوم في الجريدة الرسمية للاتحاد
الاوروبي. وسبق ان فرض الاتحاد الاوروبي سلسلة عقوبات على سوريا منها تجميد الارصدة ومنع السفر استهدفت 35 شخصا بينهم الرئيس الاسد وأربع مؤسسات، إضافة الى
فرض حظر على الاسلحة. ويعمل الاتحاد الاوروبي ايضا على حظر محتمل يشمل المنتجات النفطية المستوردة من البلاد. وقال دبلوماسي ان «المحادثات تتقدم بشكل جيد» بخصوص
هذه النقطة لكن لم يتخذ اي قرار بعد.
وقال مسؤول في وزارة الخزانة الاميركية إن العقوبات التي فرضتها واشطن على سوريا ستقيد الموارد المالية للنظام السوري بشكل كبير. وصرح المسؤول «من المبكر جداً
التهكن بالتأثير المالي لأي عنصر محدد من عناصر العقوبات الجديدة»، وذلك بعد اربعة ايام من اعلان الرئيس الاميركي باراك اوباما تجميد الارصدة السورية وحظر الاستثمار
في سوريا وتصدير المنتجات اليها. الا انه اضاف «ولكننا نتوقع ان يشعر النظام السوري بتأثير هذه الاجراءات الجديدة، لأنها تستهدف الحكومة السورية بأكملها، بما
فيها البنك المركزي وقطاع النفط». وتابع المسؤول قائلا ان «النفط الخام هو واحد من اهم صادرات سوريا، كما ان انتاج النفط يمثل موردا مهما للعائدات بالنسبة للحكومة
السورية ومصدرا مهما للعملة الاجنبية». وقال «نتوقع ان تسهم الاجراءات التي اتخذناها في تقييد الموارد المتوفرة للنظام السوري، خاصة اذا عززتها اجراءات مماثلة
من قبل حكومات دول الاتحاد الاوروبي وغيرها من الحكومات».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو في بيان إنه يجب على سوريا أن تتعاون بشكل كامل مع الأمم المتحدة، موضحاً أن «طرد السلطات السورية للبعثة
الانسانية للأمم المتحدة من مدينة حمص السورية أمر غير مقبول». وشدد على أن «عمليات القمع الوحشية وانتهاكات حقوق الإنسان في سوريا يجب أن تتوقف فوراً وأن يتم
الإفراج عن كافة المعارضين بالسجون بالإضافة إلى الشروع في عملية الانتقال الديموقراطي».
وفي جنيف، بدأت الأمم المتحدة تحقيقاً جديداً بشأن سوريا يتعلق «بعمليات الإعدام العشوائية والاستخدام المفرط للقوة وقتل المتظاهرين المناهضين للحكومة» مما
يزيد من الضغوط على حكومة الرئيس الأسد. ورغم اعتراض روسيا والصين وكوبا، وافق مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على تشكيل لجنة تحقيق دولية في ارتكاب
جرائم «محتملة» ضد الإنسانية في نهاية يومين من الدورة الخاصة التي عقدت في جنيف بشأن سوريا. (تفاصيل ص 15).
وفيما تواصل الدول الغربية جهودها لإصدار قرار عن مجلس الأمن الدولي ضد دمشق، قال سفير روسيا لدى الامم المتحدة فيتالي تشوركين ان موسكو لا تعتقد ان الوقت مناسب
لفرض عقوبات على سوريا. وسئل تشوركين، وهو في طريقه لحضور اجتماع عادي لمجلس الامن، عما ان كان الوقت مناسبا لفرض عقوبات على سوريا فقال للصحافيين «كلا لا نعتقد
ذلك».
من جهتها، نقلت صحيفة «خبر ترك» التركية عن مصادر في رئاسة الوزراء التركية قولها إن الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد طرح على رئيس الوزراء التركي رجب طيب
اردوغان تشكيل مجموعة وساطة «لتوجيه الرئيس السوري بشار الأسد على الطريق الصحيح». وذكرت الصحيفة أن اردوغان انتقد موقف الرئيس السوري ضد ابناء شعبه، فيما قدم
نجاد الدعم لرئيس الوزراء اردوغان الذي لم يرد على مقترح الرئيس الايراني وانما اكد على ضرورة ألا يضيع الرئيس بشار الاسد الوقت، وذلك خلال اتصال هاتفي دام
37 دقيقة الأحد الماضي.
ميدانيات
وقال نشطاء محليون إن القوات الحكومية نفذت غارة في الريف قرب مدينة حماه وقتلت خمسة اشخاص على الاقل في حين يقوم فريق من الامم المتحدة خاص بالمساعدات الانسانية
بجولة في البلاد. وأضافوا ان القوات اقتحمت المنازل في عدة قرى وبلدات في سهل الغاب وهو منطقة زراعية شرقي ساحل البحر المتوسط توجد بها مدينة افاميا الرومانية.
وذكر المرصد السوري لحقوق الانسان ان «عملية اقتحام امني وعسكري تجري الثلاثاء في قرى القورية والعشارة والطيانة الواقعة بالقرب من الميادين على الطريق الواصل
بين البوكمال ودير الزور (شرق) اسفرت عن اعتقال العشرات». وأشار المرصد الى ان «الدبابات مرت من امام الميادين باتجاه البوكمال». وذكر المرصد ان «القوات الامنية
السورية نفذت حملة اعتقالات واسعة في احياء مدينة دير الزور»، مضيفاً ان حملة الاعتقالات «تركزت بشكل اساسي في حي الجورة وطالت اكثر من 300 مواطن امس (الأول).
كما اقتحمت قوات الامن فجر الثلاثاء حي الغوطة في حمص (وسط)»، التي قتل فيها امس الأول 8 اشخاص، بحسب المرصد الذي لفت الى «سماع صوت اطلاق نار كثيف بشكل عشوائي
وأصوات انفجارات في الحي».
وأضاف المرصد «نفذت أجهزة الامن صباح الثلاثاء حملة مداهمات في مزارع بجوار بلدة سراقب واعتقلت الناشطين أسامة الحسين وهائل درويش» مشيرا الى «مخاوف من تعرضهما
للتعذيب».
الإصلاحات
اما الأسد فواصل مضيه في سلسلة الإجراءات الإصلاحية التي أعلن عنها سابقا، وأصدر المرسوم التشريعي رقم 107 لعام 2011 المتضمن قانون الإدارة المحلية. ويهدف القانون
إلى «تطبيق لامركزية السلطات والمسؤوليات وتركيزها في أيدي فئات الشعب تطبيقاً لمبدأ الديموقراطية الذي يجعل الشعب مصدر كل سلطة»، و«إيجاد وحدات إدارية قادرة
على عمليات التخطيط والتنفيذ ووضع الخطط التنموية الخاصة بالمجتمع المحلي وتنفيذ المشاريع»، إضافة إلى «تعزيز الإيرادات المالية للوحدات الإدارية لتمكينها من
ممارسة الدور التنموي في المجتمع المحلي الى جانب الدور الخدمي».
ووافق مجلس الوزراء على توصيات لجنة إصلاح وتحديث الإدارة العامة والخطوات والإجراءات المطلوب اتخاذها وفق برامج زمنية محددة للتنفيذ. وركز مجلس الوزراء في
جلسته التي عقدها برئاسة عادل سفر على مناقشة تقرير لجنة إصلاح وتحديث الإدارة العامة وما تضمنه تقريرها من توصيف للوضع الراهن للإدارة العامة وهدف عملية الإصلاح
والتحديات التي تواجهها ومحاور الإصلاح الإداري ومقترحات اللجنة وتوصياتها في هذا الإطار.
مؤتمر اسطنبول
في المقابل، اعلنت شخصيات من المعارضة السورية في ختام اجتماعاتها في اسطنبول انها شكلت «مجلساً وطنياً» يهدف الى تنسيق تحركها ضد نظام دمشق. واتخذ القرار في
ختام اربعة ايام من المناقشات في اسطنبول كما اوضح مشاركون خلال مؤتمر صحافي. وقال احد المعارضين احمد رمضان «سقط لنا شهداء وبعضنا اصيب...لكن هذه الجهود والتضحيات
سمحت بالتوصل الى وحدة»، وذلك خلال اعلانه تشكيل «المجلس الوطني». وقال خبير في الشؤون السياسية يقيم في الولايات المتحدة ويدعى لؤي صافي ان «المجلس سيجتمع
في غضون اسبوعين بهدف انتخاب اعضاء قيادته وأمينه العام». وشدد المشاركون على ان المجلس الذي تم تشكيله يضم ممثلين من كل اطياف المعارضة السورية في الداخل والخارج.
وأورد البيان الختامي، الذي تم تبنيه في ختام المناقشات، ان «وحدة كل مجموعات المعارضة تشكل ضرورة رغم الاخطار. ان مؤسسي هذا المجلس ينتمون الى اتجاهات سياسية
متعارضة». وقال المحامي ياسر طبارة الذي يقيم في الولايات المتحدة وشارك في مؤتمر اسطنبول «يمكنكم اعتبار هذا المجلس بمثابة مرحلة نحو تشكيل هيئة تمثيلية» للثورة
السورية. وكان طبارة قال الاحد ان «اولويتنا الاساسية هي سقوط نظام الرئيس بشار الاسد».
لكن وكالة «اسوشيتد برس» للأنباء نقلت عن معارضين قولهم إنه لا «مجلس وطنياً» فعلي. وقال المعارض محمود عثمان إن «الناس يبدأون لتوّهم بتشكيل معارضة وهم يتقدمون
بحذر، هذا مفهوم»، وأضاف «نحن لا ندّعي تمثيل كل سوريا. لكننا نتحدث مع الجميع ونحاول بناء توافق».
(«السفير»، أ ف ب، أ ب، رويترز، د ب أ، أ ش ا)

No comments:

Post a Comment