Thursday, August 25, 2011

من الشبكة الخلوية الثالثة إلى "مركز التحكم": قضيتان في "مبنى العدلية".. وشربل متريث!
ايلي الفرزلي
الدبابة ما تزال جاثمة في مكانها على مدخل مبنى وزارة الاتصالات في العدلية ـ المتحف، منذ أيار الماضي، أي منذ إشكال الطابق الثاني ومنع وزير الاتصالات السابق
الدكتور شربل نحاس من قبل "فرع المعلومات" من تفكيك المعدات الخاصة بالشبكة الصينية الثالثة للخلوي. مرت أربعة أشهر على ذلك الإشكال. تغيّرت وجوه الوزراء، وكل
ما تحقق هو انتقال حراسة الطابق الثاني من "فرع المعلومات" إلى الجيش اللبناني. في النتيجة، ما يزال الحال على حاله والدولة ممثلة بوزارة الاتصالات لم تستطع
بعد الدخول إلى هذه المعدات لتبيان أسرارها. وحتى اللجنة التي شكلها نحاس لاستلام الشبكة الثالثة والمعدات ووضع تقرير فني حولها آنذاك، وأعاد إحياءها وزير الاتصالات
الجديد نقولا صحناوي لم تصل إلى غايتها. فعندما دخلت اللجنة إلى المبنى، اتصلت قيادة الجيش بالوزير صحناوي، وأبلغته بشكل واضح أن الموضوع يحتاج إلى قرار سياسي
(السلطة السياسية)، ولا أوامر لدى العسكريين المولجين بالحماية بالسماح لأحد بالدخول. كان لافتاً للانتباه حينها أنه تبين خلافاً لادعاء رئيس هيئة "أوجيرو"
عبد المنعم يوسف بأنه لا يملك نسخة عن مفتاح الباب، أن قيادة الجيش قدّمت صيغة حل للوزارة تقضي بطلب فتح الباب من "أوجيرو" بحيث، تقوم اللجنة بعملها القاضي
بالكشف على المعدات فقط، من دون أن تعود مسؤولية هذه المعدات للوزارة. وهو ما رفضه صحناوي بإصرار، لما فيه من إقرار بحق "أوجيرو" بالوصاية على هذه المعدات،
لا سيما أن جوهر الخلاف يرتبط ببساطة بصلاحيات "أوجيرو" التي شهدت تضخماً فاق صلاحيات الوزارة نفسها. في المحصلة، يرى أحد المتابعين، أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي
الراغب في عدم إعطاء المعارضة أي ذريعة لاستنفار الشارع السني ضده، يفضل بقاء الأمور معلقة في "الطابق الأسود". أما صحناوي فيبدو متريثاً حتى الآن في إعادة
فتح معركة الطابق الثاني، ربما لكثرة معارك "التيار الوطني الحر" في هذه الفترة. وبرغم كل ما حصل، فإن بقاء الشبكة على قيد الحياة وكأن شيئاً لم يكن، يوحي لبعض
المتابعين أن الأمر يفوق مسألة خلاف الصلاحيات، وصولاً إلى الشك في كونها محطة لأحد أجهزة المخابرات الغربية. في مبنى العدلية، أكثر من قضية عالقة، ومن الطابق
الثاني صعوداً نحو الطابقين السابع والثامن، تنتقل الحراسة من الجيش اللبناني إلى فرع المعلومات. وكما في الأسفل كذلك في الأعلى، حيث الباب مقفل حتى إشعار آخر.
ومركز التحكم بالاتصالات ما يزال مشلولاً رغم جهوزيته للعمل. في ذلك المركز، لا خلاف على الصلاحيات، فهو حسب القانون يخضع لوزارة الداخلية، وقد سبق واستلمه
وزير الداخلية السابق زياد بارود من شربل نحاس، بعد أن أنجزت وزارة الاتصالات تجهيزه على المستويين الفني والتقني، على أن تنطلق المرحلة اللاحقة الرامية إلى
استكمال تعيين الجهاز البشري وتدريبه وتوفير الموازنة اللازمة للمركز وسائر الإجراءات الإدارية. هذه المرحلة لا يبدو أنها ستنطلق قريباً. فوزارة الداخلية المعنية
المباشرة بمركز التنصت ليست متحمّسة للأمر أو على الأقل ليست مستعجلة. هذا ما يوحي به الوزير مروان شربل في حديثه لـ"السفير"، حيث يؤكد أن افتتاح المركز مؤجل
في الوقت الراهن. ويشير إلى أن السبب يعود إلى الحاجة لاستكمال آلية تشغيله. وقبل التشغيل يرى أن الأمر بحاجة إلى مزيد من الدرس. المتابعون للجمود المسيطر على
المسار القانوني الذي ينتظره موضوع التنصت، بما يضمن تنفيذ القانون 140 الصادر في العام 1999 والقاضي بصون سرية التخابر وحمايته وحصر التنصت في حالات محددة
ووفق آليات تم تضمينها في المراسيم التطبيقية للقانون المذكور، لا تناسب المتحكمين بحركة التنصت غير القانونية. وهؤلاء يوجهون أصبع الاتهام في تعطيل تنفيذ القانون
وتشغيل الغرفة إلى جهة سياسية غادرت السلطة، ولكن أدواتها لم تغادر وهي تجد فريقاً سياسياً في السلطة الحالية يحميها. هذا الفريق، بحسب هؤلاء، "اعتاد على الحصول
على كامل داتا الاتصالات بالطرق الشرعية وغير الشرعية، ولن يقبل بأن يتخلى عن هذا المكسب، إذا ما اعتمدت الآليات القانونية التي تعطي أذناً لغيره بالتنصت وعندها
لن يكون له أي دور خارج غرفة التحكم المعلقة".

No comments:

Post a Comment