Saturday, October 1, 2011

> يوم تناول شمعون الحلوى عند حائط المبكى

يوم تناول شمعون الحلوى عند حائط المبكى
التزام بيغين لشمعون كلف حياة مئات الإسرائيليين وحول ساحة فرعية في الصراع إلى حدود نشطة (أرشيف)

«زلّة لسان» وقع فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي، مناحيم بيغين، رداً على سؤال من الرئيس اللبناني الأسبق كميل شمعون، أدت إلى التحول في سياسة إسرائيل حيال حلفائها
في لبنان، من الدعم غير المباشر إلى التدخل العسكري المباشر

محمد بدير

كشفت صحيفة «هآرتس»، أمس، فصولاً خفية من العلاقات الإسرائيلية مع مسؤولين سياسيين لبنانيين قبل الحرب الأهلية وأثناءها. وتحت عنوان «العودة إلى لبنان... التحدي
الأكبر أمام غانتس»، شرح محلل الشؤون الاستراتيجية في الصحيفة، أمير أورن، كيف تبلور التحالف السياسي بين تل أبيب وقادة لبنانيين، الذي أدى في ما بعد إلى تدخل
عسكري إسرائيلي مباشر لمصلحتهم، بعدما كان مقتصراً قبل ذلك على الدعم التسليحي والاستشاري بنحو غير مباشر. ويروي الكاتب كيفية خذلان «حزب الكتائب، برئاسة بشير
الجميّل في حينه لإسرائيل في أثناء اجتياحها لبنان من خلال عدم مشاركته في القتال كما كان متفقاً عليه»، وطلبه من تل أبيب تخصيص ثلاث فرق لتكون سنداً عسكرياً
لحكم الجميّل بعد انتخابه رئيساً للجمهورية.
وكتب أورن أن الرئيس اللبناني الأسبق، كميل شمعون، «الذي أدخل مظليين أميركيين صيف 1958 إلى بيروت، واعتمد سراً أيضاً على إمدادات السلاح الإسرائيلي، كان بعد
عقدين هو نفسه من أغوى (رئيس الوزراء الإسرائيلي في حينه، مناحيم) بيغين لتغيير سياسته الحذرة الخاصة بدعم المسيحيين في لبنان بالسلاح والتدريبات والاستشارات،
ولكن ليس من خلال التدخل العسكري المباشر». ورأى أورن أن بيغين، «تجاهل شكوى إسحاق رابين وشمعون بيريس وحتى وزرائه، موشيه ديان وعيزير فايتسمان، لمصلحة معادلة:
المسلمون والفلسطينيون أشرار؛ المسيحيون أخيار». أضاف الكاتب: «إن الالتزام الذي قدمه بيغين لشمعون عن طيب خاطر كلفنا حياة المئات من الإسرائيليين في السنوات
التي تلت تلك الفترة، وأدى إلى تحويل ساحة فرعية في الصراع العربي الإسرائيلي إلى حدود إسرائيلية نشطة ضد مثلث: إيران ــــ سوريا ــــ حزب الله».
وفي تفصيل التحول الذي أقدم عليه بيغين، يروي أورن أن شمعون سأل رئيس الوزراء الإسرائيلي خلال لقاء جمعه به في القدس المحتلة عام 1978 عما سيحدث «إذا هاجمنا
سلاح الجو السوري»، فرد عليه بيغين «مغيّراً سياسة إسرائيل بزلة لسان: إذا هاجمكم سلاح الجو السوري فسنساعدكم». هكذا، ينقل الكاتب عن أحد المشاركين في اللقاء،
«خرج شمعون، بعد أن أصبح الالتزام في جيبه إلى حفلة أقيمت على شرفه في منزل السيدة روزنبلوم، إحدى قريبات مسؤول في الموساد كان مسؤولاً عن إدارة العلاقات مع
القادة المسيحيين في لبنان. وبعد ذلك، قام شمعون بجولة ليلية في المدينة القديمة، وتناول الحلوى عند حائط المبكى».
ولم تلبث إسرائيل أن وجدت نفسها أمام استحقاق الوفاء بالوعد الذي قطعه بيغين، «ففي عام 1981، حين وسّع الموارنة ساحة الاحتكاك مع السوريين في جبل صنين، سببوا
من خلال ذلك إرسال مروحيات سورية للعمل ضدهم، ما دفع إسرائيل إلى إسقاطها في نوعٍ من تحصيل الكمبيالة التي وقّعها بيغين، الأمر الذي أدى إلى تعميق التغلغل السوري
في لبنان من خلال بطاريات صواريخ أرض جو». في تلك الأثناء، «لم يعد شمعون في قلب الحدث»، بل «عائلة الجميّل، التي فازت في الصراع الداخلي وكانت تُعدّ عدواً
لعائلة شمعون». وعندها «خسر النمور، ونزع كتائب الجميّل جلدهم المرقط. أما بيغين الذي تاق إلى قصف البطاريات السورية، فخضع لضرورات حالة الطقس، وللضغوط الأميركية
ولحسابات العملية المخطط لتنفيذها ضد المفاعل النووي العراق، وانتظر عاماً آخر».
ويشير الكاتب، في السياق، إلى وجود خطتي حرب إسرائيليتين على الجبهة اللبنانية كانتا معروفتين: «الصنوبر الصغير» و«الصنوبر الكبير». والفرق بين الخطتين كان
يتمحور حول المسافة التي يفترض بالجيش الإسرائيلي أن يصلها في العمق اللبناني انطلاقاً من الحدود، وكلتاهما اعتمدت على خطوط أفقية هي عبارة عن مجاري أنهار مختلفة
ينبغي للجيش الإسرائيلي أن يتموضع عندها. وأعدت الخطة الصغرى لـ«سيناريو مستحيل، يتضمن استسلام الفلسطينيين وقطع الارتباط من جانب السوريين، إلا أنها تحولت،
بطريقة واقعية ومتوقعة، إلى كبرى».
ويكشف الكاتب أيضاً عن وجود مخططات عملياتية أخرى تمحور أحدها حول تنفيذ عملية التفاف عميقة وإنزال قوة عسكرية شمال بيروت. «إلا أن هذه الخطط بقيت في الأدراج
حتى لا تمثّل دلالة أمام العالم ومعارضي الحرب في الداخل الإسرائيلي للهدف الحقيقي من وراء اجتياح لبنان: إقامة نظام لبناني جديد، لكن مع القليل من الإرادة
الطيبة والغريزة السيئة من جانب المرشح الإسرائيلي للرئاسة، بشير الجميّل. وكذلك إقامة نظام إقليمي جديد، لأن الفلسطينيين سيُشردون من لبنان ويأتون إلى الأردن
وينقلبون على المملكة الهاشمية ويشيدون دولة لأنفسهم ويسلمون بالسيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية».
«إلا أن المفتاح لكل هذا الهذيان»، بحسب أورن، كان «اللمعة ــــ الفكرة الخيالية بأن الجميّل وقواته سيقاتلون، ولن يرتكبوا مجازر فقط». يتابع الكاتب: «بيد أن
ذلك (القتال) لم يحصل في أيام الحرب الأولى، كما كان مخططاً، ولم يكن ليحصل بعد انتخاب بشير الجميّل للرئاسة؛ إذ التقى بيغين في منشأة رفائيل في الشمال وعلّمه
حقائق الحياة في لبنان: هو يريد أن يكون رئيساً لكل اللبنانيين، لا لمؤيدي إسرائيل ومعارضي سوريا فقط، وأنه يحتاج إلى سند عسكري إسرائيلي دائم، مقداره ثلاث
فرق تقريباً. أي أن جزءاً معتبراً من القوة النظامية للجيش الإسرائيلي، بما في ذلك الجزء الذي كان من الممكن أخيراً تقليصه بفضل اتفاق السلام مع مصر وإخلاء
سيناء، سيكون قوة مهمة لاحتلال لبنان، وتالياً فريسة لكل الطوائف والميليشيات وبؤرة احتكاك دائمة مع القوات السورية المجاورة».
ويرى الكاتب أن شارون ورفول فشلا غير مرة في درس «اعرف عدوك»، ومراتٍ عدة في درس «اعرف نفسك». ولم يعرفا أيضاً الجهة الثالثة، التي هي الكتائب في هذه الحالة.
وفيما كان بيغين مذهولاً من هذا التطور، على حد وصف الكاتب، جاءه السفير الأميركي بخبر لا يقل قساوةً، هو «خطة ريغان» التي أوضحت أنه ما من إدارة أو رئيس أميركيين
سيتنازلان عن مطلب الانسحاب من المناطق والتقدم السياسي في الساحة الفلسطينية. لكن تسارع الأحداث غطى على هذه الخطة؛ إذ «بعد أسبوعين من ذلك قتل بشير الجميّل،
وأُرسل الجيش الإسرائيلي إلى غرب بيروت فيما ارتكبت الكتائب المجازر بحق الفلسطينيين».

الحرب قبل 2014

قدّر جنرال في الجيش الإسرائيلي أن فرصة اندلاع مواجهة جديدة مع حزب الله، قبل نهاية ولاية رئيس الأركان الحالي، بني غانتس، في شهر شباط عام 2014، «هي فرصة مرتفعة
جداً». ونقلت صحيفة هآرتس عن الجنرال قوله الأسبوع الماضي إن احتمالات حصول الحرب خلال ولاية غانتس «مرتفعة جدا». وبحسب الصحيفة، شدد الضابط الرفيع المستوى
على أنه «يحظر الوقوع في الأوهام؛ إذ سيجري اقتحام القوات البرية لبنان منذ اللحظة الأولى لاندلاع المواجهة، وبالنتيجة سيسقط المئات من القتلى والجرحى في صفوف
الجيش الإسرائيلي»، لكنه أشار إلى أن «أحد التطلعات في الأركان العامة، رغم عدم ضمان ذلك، هو قتل (الأمين العام لحزب الله السيد حسن) نصر الله، فدماؤه مباحة».
مع ذلك، أكد أن «التوجه لدى الجيش هو أن لا يسبب اندلاع حرب، نتيجة لاستغلال فرصة استخبارية تنفيذية لقتله، في فترة الهدوء».

No comments:

Post a Comment